اسبو عية جعفر الخابوري

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الحقيقه نور على طريق الهدايه


    تاريخ مصر المنهوب

    جعفر الخابوري
    جعفر الخابوري
    Admin


    المساهمات : 91
    تاريخ التسجيل : 14/10/2013

    تاريخ مصر المنهوب Empty تاريخ مصر المنهوب

    مُساهمة من طرف جعفر الخابوري الثلاثاء أكتوبر 22, 2013 4:55 pm

    تاريخ مصر المنهوب

    ”في كل يوم يخاطر المصريون بأرواحهم لمنع العصابات المنظمة من سرقة تراثنا. وليست مصر هي البلد الوحيد المعرض للهجوم، بل هناك العراق وسوريا وليبيا وبيرو وجواتيمالا التي تعاني من هجمات مماثلة على تراثها. وسوف يتطلب وقف هذه الجرائم التي ترتكب بحق حضارتنا جهدا محل تنسيق عالمي ـ من كل من المنتجين والمستهلكين.”
    ـــــــــــــ
    يتوقف مستقبل مصر على تاريخها، ولا سيما تاريخها الآثاري. فعلى مدار مئات السنين كان سر وعجائب الأهرامات وأبو الهول ووادي الملوك عنصر جذب للزوار من انحاء العالم. وتعد السياحة شريان حياة الاقتصاد في مصر وتلامس حياة أغلب المصريين سواء كانوا يعملون كمرشدين سياحيين أو اصحاب مطاعم او اصحاب حرف ومشغولات يدوية او مشغلي حافلات. ان تاريخ مصر يحمل الرخاء للأجيال المقبلة بما فيهم الشباب ومن المعلوم ان اكثر من 40 مليون مصري هم في سن 30 سنة او اصغر وهؤلاء يسعون الى فرص.
    غير ان اللصوص يغيرون على مواقعنا الآثرية ويبيعون ما يسرقونه الى من يدفع لهم أعلى الأسعار. وهم يستفيدون من الوضع الامني غير المستقر لمصر في نهب المستقبل الاقتصادي للبلد وسرقة تراث اجيالنا.
    ان المصريين بحاجة الى ان يساعد الشعب والحكومة الاميركية جهودنا في التصدي لعملية النهب الممنهج والمنظم لمتاحفنا ومواقعنا الآثرية. وهل لك ان تتخيل عالما بدون قصص عن الملك توت عنخ آمون وكليوباترا ورمسيس وغيرهم في وعيه الجماعي. ومع كثير من تاريخنا الذي لا يزال ينتظر اكتشافه تحت الرمال، تكون الخسائر المحتملة مذهلة. ان سرقة الآثار واحدة من اكبر الجرائم في العالم بعد الاتجار في الاسلحة والمخدرات والبشر وان كان من النادر ان يتم التعاطي معها.
    ان الاثار المصرية تتدفق على الاسواق العالمية. وقد ضمت مزادات تمت مؤخرا في كريستي بلندن ونيويورك العديد من العناصر الأثرية من مصر. ولحسن الحظ، فعندما تم الاتصال، سحب كريستي في لندن عددا من العناصر التي كان قد تم سرقتها من مقبرة الملك امنحتب الثالث والتي كان قد تم اكتشافها عام 2000 في الأقصر. ومن هذه العناصر تمثال نصفي من الحجر الصابوني لتاريخ رسمي من 1793 الى 1976 قبل الميلاد.
    وعلى الرغم من انه تم اجراء عمليات اعتقال في هذه القضية وألغى دارا مزادات في القدس بيع 126 قطعة اثرية بعد الاتصال من قبل مسئولين مصريين، إلا ان الموجة تتدفق لسوء الحظ في الاتجاه الاخر. فبعد الاتصال من وزارة الخارجية المصرية ثمة دور مزادات اخرى لم تكن راغبة في التعاون مع طلبات لإرجاء او الغاء بيع قطع اثرية يرى خبراء آثار انها مسروقة. ومن بين هؤلاء من يحقق ثروات من بيع الاثار، وعلى اية حال فقد كان كان التعاون مع الحكومة مصرية مختلطا عند احسن الاحوال.
    ان النهب نشاط قديم يرجع الى قرون وجريمة سيحاربها المصريون بلا شكل لسنوات ولا سيما خلال الاوقات الاقتصادية الصعبة. وتريد بلدنا اتخاذ موقف قوي. ولا يمكن لاحد ان ينسى الصور المذهلة للمصريين ـ رجال ونساء، مسلمين ومسيحيين، شباب وكهول ـ وهم يشكلون دروعا بشريا لحماية المتحف المصري في القاهرة خلال ثورة 2011. ومع ذلك نجح اللصوص في سرقة عدة قطع من محتوياته. وعلى الرغم من الجهود القوية لحكومتنا بغية استعادة تلك القطع، إلا ان اكثر من 50 قطعة، من بينها بعض من مقبرة توت عنخ آمون الشهيرة لا تزال مفقودة.
    في 14 أغسطس الماضي وفي هجوم على المتحف الوطني في ملاوي بالمنيا تم الاستيلاء على اكثر من ألف قطعة: تماثيل عمرها أكثر من 3500 سنة؛ مجوهرات من عصر الفراعنة القدماء؛ عملات ذهبية من العصر اليوناني الروماني. وعندما حاولت قوات الامن منعهم، حرق اللصوص بعض القطع التي لم يستطيعوا نهبها بما في ذلك موميات.
    في كل يوم يخاطر المصريون بأرواحهم لمنع العصابات المنظمة من سرقة تراثنا. وليست مصر هي البلد الوحيد المعرض للهجوم، بل هناك العراق وسوريا وليبيا وبيرو وجواتيمالا التي تعاني من هجمات مماثلة على تراثها. وسوف يتطلب وقف هذه الجرائم التي ترتكب بحق حضارتنا جهدا محل تنسيق عالمي ـ من كل من المنتجين والمستهلكين.
    فمن واجبنا المشترك، في مصر وفي انحاء العالم، الدفاع عن تراثنا المشترك. ويتعين على المؤسسات الدولية والحكومات والشركات وخبراء الاثار وغيرهم من الخبراء التعاون والتكاتف في توضيح كيف يمكن مساعدة البلدان المحتاجة الى حماية كنوزها. وجهود منظمات مثل التحالف الدولي لحماية الآثار المصرية محل تقدير، لكن مطلوب مزيد من المساعدة. ان شباب مصر يستحق الكثير. وليس هناك وقت لنضيعه.

    محمد ابراهيم* وزير الآثار المصري وأستاذ علم المصريات في جامعة عين شمس بالقاهرة. خدمة واشنطن بوست ـ بلومبيرج نيوز خاص"الوطن"

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد أبريل 28, 2024 2:04 pm